غسان الطالب
عندما نتحدث عن العمل في هذا الشهر الفضيل فإننا نرغب في التذكير بأن الإسلام أعطى العمل اهتماما كبيرا في حياة المسلمين وحثهم على طلب الرزق , فهو من مقومات إعمار الأرض , ففي قوله تعالى ” وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ” (اية 30من سورة البقرة ) أي أن الإنسان هو المستخلف في الأرض , فهو المسؤول عن إعمارها و التصرف بملك الله بما يرضي الله سبحانه و تعالى , كما قال تعالى أيضا ” هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ” الآية 15 من سورة الملك , لهذا فإن الكسل و التراخي و تعطيل الإنتاج شيء مرفوض و يتعارض مع أخلاقيات الإسلام .
مناسبة هذا الحديث و في هذا الشهر المبارك هو للحديث عن الفهم الخاطئ عن العلاقة بين الصيام و العمل و بعض السلوكيات الخاطئة و التي اعتدنا أن نراها , حيث يتعمد البعض إلى النوم و تقليل ساعات العمل بالحدود الدنيا , و يحدث العكس , أن يتعمد إلى الإفطار بحجة العمل أذا هذه سلوكية لا علاقة لها بالصيام ا زيادة التعبد و أنما رغبة في الكسل أو تبرير حالة الإفطار لديهم … فالإسلام دين عمل و صاحب رسالة أخلاقية تحض إلى بذل الجهد لكسب الرزق و ليس تعطيل الحياة الاقتصادية للمجتمع . و قد شهد رمضان أحداث كبرى في حياة الأمة الإسلامية دون أن تتعطل حياتهم فكان فتح مكة في شهر رمضان في العام الثامن للهجرة وفي غزوة بدر في العام الثاني للهجرة كذلك و معركة عين جالوت وفتح عمورية في عهد الخليفة العباسي المعتصم , وكما فتحت الأندلس في هذا الشهر العظيم و العديد العديد من الأحداث و المواقف التي لم تزد المسلمين إلا قوة و رسوخ إيمان و الإصرار على تحقيق انجاز يخدم رسالتهم و أخلاقيات دينهم الحنيف , و حتى نبلغ الحكمة من رمضان علينا بالجهاد مع النفس وتعلم الصبر والابتعاد عن كل مظاهر الكسل والركون إلى النوم , والابتعاد كذلك عن التفنن في إعداد أطباق الأكل الشهية التي تفضي فقط إلى الإسراف فيما يفوق حاجة الصائم , فمجتمعاتنا أحوج ما تكون إلى بذل المزيد من الجهد والتفاني لتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي المنشود والملتزم .
{وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة:105]
ghataleb@gmail.com